المشهد الأول
قُدِّم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - مِعْراجٌ جميل والمعراج (( سُلَّمٌ )) لم تر الخلائق مِثْلَه , فصعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومعه جبريل فوق المعراج حتى بلغا السماء الأولى , وهي سماء الدنيا , وطلب جبريل من ملائكة هذه السماء أن يفتحوا له أبوابها , فناداه مُنادٍ : من أنت ؟ فقال : أنا جبريل .
قال المُنادِي : ومن معك ؟ قال جبريل : معي مُحمد . قال : أوَقد بُعِثَ محمدٌ ؟ قال جبريل : نعم ..
وَفٌتِح له , فُتحت لهما السماء الدنيا , ونظر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا رجل تام الخِلقةِ عن يمينه أسْوِدَةٌ ( الأسْوِدة هي الأرواح فما على اليمين منها فهي أرواح طيبة للشهداء والصالحين , وما على اليسار فهي للأشقياء ) وعن يسارِه أسْوِدَةٌ . إذا نظر إلى التي على يمينه تبسم , وقال : روح طيبة اجعلوها في عليين فيفتح باب يخرج منه ريح طيبة , فتدخل فيه , وإذا نظر إلى التي على يساره حَزِن وقطَّب جبينه وقال : روح خبيثة اجعلوها في سِجِّين , فيُفتح باب يخرج منه رِيح خبيثة , فتدخل فيه .
سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن هذا الشخص التام الخُلق وعن هذه الأسْوِدة , وعن هذين البابين فقال جبريل – عليه السلام - :
· أما الشخص التام الخِلقة فهو أبوك آدم .
· وأما هذه الأسِوْدة عن يمينه وعن يساره فهي أرواح بنيه , أهل يمينه منهم هم أهل الجنة , وأهل شماله هم أهل النار , فإذا نظر إلى أهل الجنة تبسم وإذا نظر إلى أهل النار حزن وابتأس .
· وأما البابان فالباب الذي إلى اليمين باب الجنة , والباب الذي إلى اليسار باب جهنم .
رحّب آدم بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وقال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح .
فردّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – التحية بأحسن منها . ومضى إلى مشهد آخر من مشاهد المعراج . التي تُعد درساً من دروس الدعوة العظيمة وقدوة حميدة للناس أجمعين .
المشهد الثاني
نظر الرسول – صلى الله عليه وسلم – فرأى موائد كثيرة , عليها لحم مُشرّحٌ جيد ولا يقربها أحد , وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذه اللحم النتنة أُناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم المُشرّح الجيد , فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (( من هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هذا حال أٌناسٍ من أمتك يتركون الحلال الطيب فلا يطعمونه , ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه !!
المشهد الثالث
ثُم مضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - , فوجد ناساً شِفاههم كمشافر الإبل , فيأتي من يفتح أفواههم , فيُلقِي فيها قِطعاً من اللحم الخبيث , فيضجون منها إلى الله لأنها تصير ناراً في أمعائهم فلا يجيرهم أحد حتى تخرج من أسفلهم فقال عليه السلام : (( من هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل ظلماً , إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً .
المشهد الرابع
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى مشهد آخر .
رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طريقاً مُمتداً إلى النار يمر فيه آل فِرعون , فيعرضون على النار غُدواً وعشياً , وأثناء مرورهم يجدون على الطريق أقواماً بطونهم منتفخة مثل البيوت , كلما نهض أحدهم سقط يقول : اللهم أخِّر يوم القيامة . اللهم لا تقِّم الساعة فيطؤهم آل فرعون بأقدامهم , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟
قال جبريل : هؤلاء هم الذين يتعاملون بالرِبا من أمتك .
قال تعالى : ( لَا يَقٌومٌونَ إِلَّا كَمَا يَقٌومٌ الَّذِي يَتَخَبَّطٌهٌ الشَّيْطّانٌ مِنَ الْمَسِّ )
المشهد الخامس
مضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى أقواماً يُقطَعُ اللحم من جنوبهم ثم يٌقال لكل منهم : كل من هذا اللحم , كما كُنت تأكل لحم أخيك ميتاً .
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟
فقال جبريل : هؤلاء هم الذين يغتابون الناس من أمتك , كان كل منهم يأكل لحم أخيه ميتاً .
المشهد السادس
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوجد أقواماً تُضرَب رؤؤسهم بالصخرِ كلما ضُرِبت تحطمت , وكلما تحطمت عادت كما كانت فترضخ (( ترضخ : تدق )) من جديد بالصخرِ فتتحطم .. وهكذا , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل – عليه السلام – هؤلاء من أمتك هم الذين تتثاقل رؤؤسهم عن الصلاة المكتوبة .
المشهد السابع
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوجد أقواماً يسترون عورتهم من الأمام والخلف برِقاع وهم يسرحون كما تسرح الإبل . يأكلون الضريع (( الضريع : نوع من الشوك لاترعاه الدابة لخبثة )) والزقوم (( الزقوم : شجر من أخبث الشجر يغلي في البطون كغلي الماء الشديد الحرارة )) وَرَضْفَ جهنَّم وحِجارتها , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل - عليه السلام – هؤلاء هم الذين لا يؤدون صدقات أموالهم , وما ظلمهم الله تعالى شيئاً , وما الله بظلاّم للعبيد .
المشهد الثامن
في هذا المشهد يأتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على رجل قد جمع حِزمةً عظيمةً لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها , وذلك دليل على كِثرة الذنوب التي ارتكبها والمعاصي التي اقترفها , ومع ذلك فهو يزيد منها ويثقل على نفسه بالذنوب فلما رآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( ما هذا يا جبريل )) ؟.
قال جبريل – عليه السلام - : هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس – لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها أمانات أخرى – وقد دعا الإسلام إلى ردِّ الأمانات .
المشهد التاسع
في هذا المشهد الذي لو تخيلنها لكان مُرعِباً بحقّ , ولكنه يعبر بصدق عن دور اللسان في حياة المؤمن , فقد مرَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أقوام تقرضُ ألسنتهم وشِفاهم بمقاريض – أي بمقصات من حديد , كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء وهذا جزاء من يتكلم بالبشر , ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك قال : (( ما هذا يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هؤلاء خُطباء الفِتنة .
المشهد العاشر
هذا المشهد يثير في نفوسِنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة , فقد مرَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أقوام يحصدون في يوم , كلما حصدوا عاد كما كان . وكِثرة الحصاد المحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سُبحانه الذي لا يتناهى , فلما رآهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على ذلك سأل جبريل : (( ما هذا يا جبريل )) ؟
قال جبريل : هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله , تُضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضِعف .
ولذلك يشبه الله عز وجل العمل الصالح في الآية : ( كَمَتَلِ حَبَّةٍ أّنبَتَتْ سّبْعَ سَنَابِلَ فىِ كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وّاللَّهٌ يُضَعِفُ لِمَن يَشَآءُ ) .
المشهد الحادي عشر
هذا مشهد من مشاهد الجنة التي وُعِدَ بها المتقون والصالحون , فقد أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على وادٍ فسيح , فهبت عليه منه ريح بارِدة طيبة , ورائحة مسك أزكى من مسك الأرض , وسمع من جهته صوتاً فقال عليه السلام : (( يا جبريل .. ما هذه الريح الطيبة الباردة ؟ وما هذا المسك ؟ .. وما هذا الصوت ؟ )) قال جبريل : هذا صوت الجنة تقول : رب ائتني بما وعدتني ! فقد كَثُرت غُرَفِي , واستبرقي , وحريري , وسُندُسِي , وَلُؤلُؤي , ومُرجاني , وفضتي , وذهبي , وأكوابي , وصِحَافي , وأباريقي , وكؤؤسي , وعَسَلي , ومائي , وَخَمرِي , ولَبَني , فائتني بما وعدتني ...
فقال عز وجل : لك كل مسلم ومسلِمة , ومؤمن ومؤمنة , ومَن آمن بي وبرسلي , وعمل صالحاً , ولم يشرك بي شيئاً .. ولم يتخذ من دوني أنداداً .. ومن خشيني فهو آمن , ومن سألني أعطيته , ومن أقرضني جزيته , ومن توكل عليَّ كفيته , إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أُخ~لِف المِيعاد وقد أفلح المؤمنون , وتبارك الله أحسن الخالقين .
قالت الجنة : قد رضيت ..
المشهد الثاني عشر
هذا المشهد عن جهنم أعاذنا الله من شرها , ومنعنا من لهيبها , وجنبنا غيظها وفورانها , فقد جاء – صلى الله عليه وسلم – على وادٍ فسيح , فسمِع صوتاً مُنكراً , ووجد ريحاً خبيثة فقال : (( ما هذه الريح يا جبريل ؟ وما هذا الصوت ؟ ))
قال جبريل : هذا صوت جهنم تقول : ياربِّ ائتني بما وعدتني فقد كَثُرت سلاسلي , وأغْلالي , وسعيري , وحميمي , وضريعي , وغسَّاقِي , وعذابي , وقد بَعُدَ قراري , واشتد حرِّي , فائتني بما وعدتني .
فقال لها رَبُّ العِزة : لك كل مشرك ومشرِكة , وكافِر وكافِرة , وكل خبيث وخبيثة , وكل جبار لا يؤمن بيوم الحِساب .
قالت النار : قد رضيت ..
( أعاذنا الله من شرها , وجنَّبنا المعاصي وحبَّب إلينا الطاعات حتى نكون من أهل الجنة بعيداً عن النار وعذابها )
هذه مشاهد السماء الأولى , تُرى ماذا في السماء الثانية ؟!
هذا ما سنعرفه لاحِقاً في موضُوع مستقل
.. إن شاء الله ..
قُدِّم لرسول الله – صلى الله عليه وسلم - مِعْراجٌ جميل والمعراج (( سُلَّمٌ )) لم تر الخلائق مِثْلَه , فصعد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ومعه جبريل فوق المعراج حتى بلغا السماء الأولى , وهي سماء الدنيا , وطلب جبريل من ملائكة هذه السماء أن يفتحوا له أبوابها , فناداه مُنادٍ : من أنت ؟ فقال : أنا جبريل .
قال المُنادِي : ومن معك ؟ قال جبريل : معي مُحمد . قال : أوَقد بُعِثَ محمدٌ ؟ قال جبريل : نعم ..
وَفٌتِح له , فُتحت لهما السماء الدنيا , ونظر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فإذا رجل تام الخِلقةِ عن يمينه أسْوِدَةٌ ( الأسْوِدة هي الأرواح فما على اليمين منها فهي أرواح طيبة للشهداء والصالحين , وما على اليسار فهي للأشقياء ) وعن يسارِه أسْوِدَةٌ . إذا نظر إلى التي على يمينه تبسم , وقال : روح طيبة اجعلوها في عليين فيفتح باب يخرج منه ريح طيبة , فتدخل فيه , وإذا نظر إلى التي على يساره حَزِن وقطَّب جبينه وقال : روح خبيثة اجعلوها في سِجِّين , فيُفتح باب يخرج منه رِيح خبيثة , فتدخل فيه .
سأل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن هذا الشخص التام الخُلق وعن هذه الأسْوِدة , وعن هذين البابين فقال جبريل – عليه السلام - :
· أما الشخص التام الخِلقة فهو أبوك آدم .
· وأما هذه الأسِوْدة عن يمينه وعن يساره فهي أرواح بنيه , أهل يمينه منهم هم أهل الجنة , وأهل شماله هم أهل النار , فإذا نظر إلى أهل الجنة تبسم وإذا نظر إلى أهل النار حزن وابتأس .
· وأما البابان فالباب الذي إلى اليمين باب الجنة , والباب الذي إلى اليسار باب جهنم .
رحّب آدم بمحمد – صلى الله عليه وسلم – وقال : مرحباً بالابن الصالح والنبي الصالح .
فردّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – التحية بأحسن منها . ومضى إلى مشهد آخر من مشاهد المعراج . التي تُعد درساً من دروس الدعوة العظيمة وقدوة حميدة للناس أجمعين .
المشهد الثاني
نظر الرسول – صلى الله عليه وسلم – فرأى موائد كثيرة , عليها لحم مُشرّحٌ جيد ولا يقربها أحد , وموائد أخرى عليها لحم نتن كريه الرائحة وحول هذه اللحم النتنة أُناس يتنافسون على الأكل منها ويتركون اللحم المُشرّح الجيد , فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – (( من هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هذا حال أٌناسٍ من أمتك يتركون الحلال الطيب فلا يطعمونه , ويأتون الحرام الخبيث فيأكلونه !!
المشهد الثالث
ثُم مضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - , فوجد ناساً شِفاههم كمشافر الإبل , فيأتي من يفتح أفواههم , فيُلقِي فيها قِطعاً من اللحم الخبيث , فيضجون منها إلى الله لأنها تصير ناراً في أمعائهم فلا يجيرهم أحد حتى تخرج من أسفلهم فقال عليه السلام : (( من هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هؤلاء الذين يأكلون أموال اليتامى بالباطل ظلماً , إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً .
المشهد الرابع
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إلى مشهد آخر .
رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – طريقاً مُمتداً إلى النار يمر فيه آل فِرعون , فيعرضون على النار غُدواً وعشياً , وأثناء مرورهم يجدون على الطريق أقواماً بطونهم منتفخة مثل البيوت , كلما نهض أحدهم سقط يقول : اللهم أخِّر يوم القيامة . اللهم لا تقِّم الساعة فيطؤهم آل فرعون بأقدامهم , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟
قال جبريل : هؤلاء هم الذين يتعاملون بالرِبا من أمتك .
قال تعالى : ( لَا يَقٌومٌونَ إِلَّا كَمَا يَقٌومٌ الَّذِي يَتَخَبَّطٌهٌ الشَّيْطّانٌ مِنَ الْمَسِّ )
المشهد الخامس
مضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى أقواماً يُقطَعُ اللحم من جنوبهم ثم يٌقال لكل منهم : كل من هذا اللحم , كما كُنت تأكل لحم أخيك ميتاً .
فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟
فقال جبريل : هؤلاء هم الذين يغتابون الناس من أمتك , كان كل منهم يأكل لحم أخيه ميتاً .
المشهد السادس
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوجد أقواماً تُضرَب رؤؤسهم بالصخرِ كلما ضُرِبت تحطمت , وكلما تحطمت عادت كما كانت فترضخ (( ترضخ : تدق )) من جديد بالصخرِ فتتحطم .. وهكذا , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل – عليه السلام – هؤلاء من أمتك هم الذين تتثاقل رؤؤسهم عن الصلاة المكتوبة .
المشهد السابع
ومضى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فوجد أقواماً يسترون عورتهم من الأمام والخلف برِقاع وهم يسرحون كما تسرح الإبل . يأكلون الضريع (( الضريع : نوع من الشوك لاترعاه الدابة لخبثة )) والزقوم (( الزقوم : شجر من أخبث الشجر يغلي في البطون كغلي الماء الشديد الحرارة )) وَرَضْفَ جهنَّم وحِجارتها , فقال عليه السلام : (( مَن هؤلاء يا جبريل )) ؟ قال جبريل - عليه السلام – هؤلاء هم الذين لا يؤدون صدقات أموالهم , وما ظلمهم الله تعالى شيئاً , وما الله بظلاّم للعبيد .
المشهد الثامن
في هذا المشهد يأتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على رجل قد جمع حِزمةً عظيمةً لا يستطيع حملها وهو يزيد عليها , وذلك دليل على كِثرة الذنوب التي ارتكبها والمعاصي التي اقترفها , ومع ذلك فهو يزيد منها ويثقل على نفسه بالذنوب فلما رآه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : (( ما هذا يا جبريل )) ؟.
قال جبريل – عليه السلام - : هذا الرجل من أمتك تكون عليه أمانات الناس – لا يقدر على أدائها وهو يزيد عليها أمانات أخرى – وقد دعا الإسلام إلى ردِّ الأمانات .
المشهد التاسع
في هذا المشهد الذي لو تخيلنها لكان مُرعِباً بحقّ , ولكنه يعبر بصدق عن دور اللسان في حياة المؤمن , فقد مرَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أقوام تقرضُ ألسنتهم وشِفاهم بمقاريض – أي بمقصات من حديد , كلما قرضت عادت كما كانت لا يفتر عنهم من ذلك شيء وهذا جزاء من يتكلم بالبشر , ويخوض فيه بين الناس فلما رأى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ذلك قال : (( ما هذا يا جبريل )) ؟ قال جبريل : هؤلاء خُطباء الفِتنة .
المشهد العاشر
هذا المشهد يثير في نفوسِنا الراحة ويبعث فيها الاطمئنان والسكينة , فقد مرَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على أقوام يحصدون في يوم , كلما حصدوا عاد كما كان . وكِثرة الحصاد المحصول على هذا الوجه رمز لجزاء الله سُبحانه الذي لا يتناهى , فلما رآهم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على ذلك سأل جبريل : (( ما هذا يا جبريل )) ؟
قال جبريل : هؤلاء هم المجاهدون في سبيل الله , تُضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضِعف .
ولذلك يشبه الله عز وجل العمل الصالح في الآية : ( كَمَتَلِ حَبَّةٍ أّنبَتَتْ سّبْعَ سَنَابِلَ فىِ كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وّاللَّهٌ يُضَعِفُ لِمَن يَشَآءُ ) .
المشهد الحادي عشر
هذا مشهد من مشاهد الجنة التي وُعِدَ بها المتقون والصالحون , فقد أتى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على وادٍ فسيح , فهبت عليه منه ريح بارِدة طيبة , ورائحة مسك أزكى من مسك الأرض , وسمع من جهته صوتاً فقال عليه السلام : (( يا جبريل .. ما هذه الريح الطيبة الباردة ؟ وما هذا المسك ؟ .. وما هذا الصوت ؟ )) قال جبريل : هذا صوت الجنة تقول : رب ائتني بما وعدتني ! فقد كَثُرت غُرَفِي , واستبرقي , وحريري , وسُندُسِي , وَلُؤلُؤي , ومُرجاني , وفضتي , وذهبي , وأكوابي , وصِحَافي , وأباريقي , وكؤؤسي , وعَسَلي , ومائي , وَخَمرِي , ولَبَني , فائتني بما وعدتني ...
فقال عز وجل : لك كل مسلم ومسلِمة , ومؤمن ومؤمنة , ومَن آمن بي وبرسلي , وعمل صالحاً , ولم يشرك بي شيئاً .. ولم يتخذ من دوني أنداداً .. ومن خشيني فهو آمن , ومن سألني أعطيته , ومن أقرضني جزيته , ومن توكل عليَّ كفيته , إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أُخ~لِف المِيعاد وقد أفلح المؤمنون , وتبارك الله أحسن الخالقين .
قالت الجنة : قد رضيت ..
المشهد الثاني عشر
هذا المشهد عن جهنم أعاذنا الله من شرها , ومنعنا من لهيبها , وجنبنا غيظها وفورانها , فقد جاء – صلى الله عليه وسلم – على وادٍ فسيح , فسمِع صوتاً مُنكراً , ووجد ريحاً خبيثة فقال : (( ما هذه الريح يا جبريل ؟ وما هذا الصوت ؟ ))
قال جبريل : هذا صوت جهنم تقول : ياربِّ ائتني بما وعدتني فقد كَثُرت سلاسلي , وأغْلالي , وسعيري , وحميمي , وضريعي , وغسَّاقِي , وعذابي , وقد بَعُدَ قراري , واشتد حرِّي , فائتني بما وعدتني .
فقال لها رَبُّ العِزة : لك كل مشرك ومشرِكة , وكافِر وكافِرة , وكل خبيث وخبيثة , وكل جبار لا يؤمن بيوم الحِساب .
قالت النار : قد رضيت ..
( أعاذنا الله من شرها , وجنَّبنا المعاصي وحبَّب إلينا الطاعات حتى نكون من أهل الجنة بعيداً عن النار وعذابها )
هذه مشاهد السماء الأولى , تُرى ماذا في السماء الثانية ؟!
هذا ما سنعرفه لاحِقاً في موضُوع مستقل
.. إن شاء الله ..